الصفحات

السبت، 20 يوليو 2019

بحث حول مفهوم الدفوع الشكلية ونظامها وفقاً لقانون المرافعات اليمني

 
 

مفهوم الدفوع الشكلية ونظامها وفقاً لقانون المرافعات اليمني

الدفوع 

الدفع لغة  :  الدفع لغةً من مادة  دفع ؛ فيقال دفع إليه شيئاً ودفعه فإندفع وتعني قطع ؛ كما تعني أسرع ؛ فيقال اندفع أي أسرع في سيره ؛ كما تعني درء الشر ؛ فيقال دفع الله عنك السوء ؛ أي طلب منه درء السوء ؛ كما تعني المدافعة المماطلة(1)  .

الدفع اصطلاحاً :  الدفع إصطلاحاً هو وسيلة دفاع للخصم ، سواء كان مدعي أو مدعي عليه ، يستعين بها لإثبات أن إدعاء خصمه علي غير أساس ، بقصد تفادي الحكم لهذا الخصم بما يطلبه ويدعيه ؛ وتعدد الدفوع يعني تعدد وسائل الدفاع ؛ فيتصور أن توجه الدفوع - باعتبارها وسائل دفاع - الي الخصومة أو إجراءاتها أو إلى أصل الحق المطالب به أو إلى سلطة الخصم في استعمال دعواه .
الدفع لدي قضاء محكمة النقض :  الدفع لدي قضاء محكمة النقض دعوى من قبل المدعي عليه أو ممن ينتصب المدعي عليه خصماً عنه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي بمعني أن المدعي عليه يصير مدعياً إذا أتي بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند الدفع  .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   مختار الصحاح - مادة دفع - ص 207


الدفوع الشكلية ؛

الدفوع الشكلية هي الدفوع التي توجه إلى إجراءات الخصومة القضائية بقصد استصدار حكم ينهي الدعوى دون المساس بموضوعها - أي دون المساس بالحق المطالب به - وبالأدنى إرجاء الفصل في الدعوى .

فالدفوع الشكلية تتصدي - باعتبارها وسائل دفاع علي نحو ما عرفنا الدفوع عموماً - لإجراءات الخصومة القضائية ، ونعني بإجراءات الخصومة القضائية إجراءات رفع وتداول الدعوى أمام محكمة الموضوع ، والقصد من تعرض الدفوع الشكلية لإجراءات الخصومة القضائية هو التأكد من صحة هذه الإجراءات وأنها تمت وفق صحيح القانون ، بحيث أنه لو ثبت أن أحد هذه الإجراءات قد خالف القانون حكمت المحكمة في مدي صحة هذه الإجراءات من عدمه دون التعرض لموضوع الحق الذي رفعت به الدعوى ، والحديث عن الدفوع الشكلية من الناحية العملية يقتضي دراسة جيدة لإجراءات رفع وتداول الدعوى أمام محاكم الموضوع بحيث يكون المحامي علي إلمام كامل دقيق بهذه الإجراءات ، فإذا بدا إجراء معيب كان الدفع الشكلي جاهزاً للرد علي هذا العيب الذي اعتور الإجراء .


هل يمكن تعداد الدفوع الشكلية  ...؟


القاعدة العامة التي تحكم الدفوع الشكلية هي تعلق هذه الدفوع بإجراءات الدعوى القضائية ، فحيث يكون العيب في الإجراءات يكون الدفع الموجه لهذا العيب دفعاً شكلياً ، ويعني ذلك أنه لا يمكن عد هذه الدفوع وحصرها حصراً ، غاية الأمر هو العودة الي نص المادتين 181 من قانون المرافعات وغيرها من نصوص قانون المرافعات والتي أشارت إلى بعض نماذج لهذه الدفوع الشكلية :
1- الدفوع الخاصة بعدم الاختصاص المحلي .
2- الدفوع الخاصة بالإحالة للارتباط .
3 - الدفوع الخاصة بالإحالة لوحدة النزاع .
4- الدفوع الخاصة بأوجه البطلان .
5- الدفوع الخاصة بعدم الاختصاص الولائي .
6- الدفوع الخاصة بعدم الاختصاص النوعي .
7- الدفوع الخاصة بسبب قيمة الدعوى .
8- الدفوع الخاصة ببطلان صحف الدعاوى .
9- الدفوع الخاصة ببطلان أوراق التكليف بالحضور .
10- الدفوع الخاصة باعتبار الدعوى كأن لم تكن لمختلف أسبابها .
11- الدفوع الخاصة بسقوط الخصومة .
12- الدفوع الخاصة بأهلية الخصومة القضائية .
13- الدفوع الخاصة بتعجيل الخصومة القضائية .


ما هو النظام القانوني للدفوع الشكلية وكيفية التعامل معها - إبداء ورداً .

ثمة قواعد حاكمة للدفوع الشكلية ؛ هذه القواعد تحدد كيفية التعامل معها ، ونعني بالتعامل مع الدفع بيان كيفية إبداء الدفع وطريقة إبدائه ووقت إبدائه ، وفي تصور أخر كيفية الرد علي الدفع ؛ والآن نتناول تلك القواعد بعد إيراد نص المادة 181 من قانون المرافعات والتي يجري نصها : الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلي محكمة أخري لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها معا قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها . ويسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في عريضة الطعن.
ويحكم في هذه الدفوع علي استقلال ما لم تأمر المحكمة بضمها إلي الموضوع وعندئذ تبين المحكمة ما حكمت به في كل منها علي حده .
ويجب إبداء جميع الوجوه التي بني عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معا وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها .

قواعد وأسس إبداء الدفوع الشكلية  ؛


القاعدة الأولى
سقوط الحق في التمسك بالدفع الشكلي لعدم إبداء الدفع قبل التصدي للموضوع .
طبيعة الدفع الشكلي من حيث كونه دفعاً يوجه إلى إجراءات الخصومة استوجب أن يبدي هذا الدفع أولاً وقبل التعرض لموضوع الدعوى ، بحيث لو صح الدفع انقضت الدعوى وبالأدنى صححت الإجراءات ، فلا تظل الدعوى رهينة دفع قد يبدي بعد أن تكون المحكمة قد بذلت جهداً وأضاعت وقتاً يصعب القول باسترداده ، لذا كان الشارع جازماً حازماً حين قرر أن الدفع الشكلي يبدي قبل التصدي للموضوع وإلا سقط الحق في التمسك بالدفع .
وثمة قيد يرد علي الحف في الدفع بسقوط الحق في التمسك بالدفع الشكلي لعدم إبداء الدفع قبل التكلم في الموضوع حاصله ألا يكون هذا الدفع الشكلي متعلق بالنظام العام ؛ ويقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها المعنوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلي فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها ، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية ، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها علي مختلف أنواع العلاقات القانونية في الدولة ، وجوداً وأثراً ، غالباً في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة ، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمل إرادي يأتيه المخاطب بها بالمخالفة لها ، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية ، وعدم جواز النزول عن الحقوق والمراكز القانونيـة التي تقررها للبعض منهم قبل البعض الآخر ، من ناحية أخري .

فهناك إذن علاقة تبادلية بين مفهوم النظام العام وبين القواعد الآمرة ، فالنظام العام هو السبب في اكتساب بعض قواعد القانون صفتها الآمرة ، وهو ما يبرر من ناحية وجود قواعد تصف بأنها قواعد أو نصوص آمرة بقانون التحكيم ، كما أنه يبرر البطلان كجزاء وأثر علي مخالفة ما يتعلق بالنظام العام .

القاعدة الثانية
سقوط الحق في التمسك بالدفع الشكلي لعدم إبداء الدفع مع غيره من الدفوع الشكلية .
طبيعة الدفع الشكلي كما ذكرنا من حيث كونه دفعاً يوجه إلى إجراءات الخصومة استوجب أن يبدي هذا الدفع أولاً بل وقبل التكلم في موضوع الدعوى ، والمقصود بالتكلم في موضوع الدعوى إبداء أي طلب أو دفاع موضوعي ينم عن التسليم صحة الطلب ؛ وطبيعة الدفوع الشكلي تستوجب أيضاً أن تبدي جميع الدفوع الشكلية معاً ، فلا يؤخر صاحب الدفوع الشكلية دفع من هذه الدفوع ويبدي آخر ، فإذا فعل سقط حقه في التمسك بهذا الدفع ، فلا يصح كما قلنا أن تظل الدعوى القضائية رهينة دفع شكلي قد يبدي بعد أن تكون المحكمة قد بذلت جهداً وأضاعت وقتاً يصعب القول باسترداده ، لذا كان الشارع جازماً حازماً حين قرر أن الدفوع الشكلية تبدي جملة واحدة وقبل التصدي للموضوع وإلا سقط الحق في التمسك بالدفع الذي لم يبدي .

القاعدة الثالثة
سقوط الحق في التمسك بالدفع الشكلي لعدم إبداء الدفع بعريضة الطعن .
طبيعة الدفع الشكلي من حيث كونه دفع يوجه الي إجراءات الخصومة القضائية استوجب أن يبدي هذا الدفع بعريضة الطعن إذا ما قرر أحد الخصوم بالطعن في الحكم وإلا سقط الحق في التمسك بالدفع ؛ ، فلا يصح كما أسلفنا القول أن تظل الدعوى القضائية وهي في مرحلة من مراحل الطعن رهينة إبداء دفع شكلي قد يبدي بعد أن تكون محكمة الطعن قد بذلت جهداً وأضاعت وقتاً يصعب القول باسترداده ، لذا كان الشارع جازماً حازماً حين قرر أن الدفوع الشكلية يجب أن تبدي بعريضة الطعن وإلا سقط الحق في إبداء ما لم يبدي منها بالعريضة .

القاعدة الرابعة
بسقوط بكون الدفع الشكلي لا  تستنفذ به ولاية قضاء الدرجة الأولي .
طبيعة الدفع الشكلي من حيث كونه دفع يقصد إجراءات الخصومة القضائية دون موضوعها استوجب القول أن الفصل في الدفع الشكلي لا تستنفذ به المحكمة ولايتها في الموضوع .